اقرأ المحتوى بدون اعلانات والمزيد من المميزات عند الانضمام للتليجرام (دوس هنا)

Uncategorized

رواية “ضد الرجال” الفصل الاول بقلم شهيره عبد الحميد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج

اقرأ المحتوى بدون اعلانات والمزيد من المميزات عند الانضمام للتليجرام (دوس هنا)


 رواية “ضد الرجال” الفصل الاول بقلم شهيره عبد الحميد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 

رواية “ضد الرجال” الفصل الاول بقلم شهيره عبد الحميد حصريه وجديده على مدونة النجم المتوهج 

” إذا أحببت شيئًا بشدة، لا تُطلق سراحه، ولا تُمهل له فرصة للإبتعاد، أطبق على أنفاسه فهو لك “

              *********************

لطالما أجبرتنا الحياة على الزحف إلى طرق مجهولة، مُظلمة، مُوحشة لم نختارها بإرادتنا.

يبدأ الأمر أولاً بعرض إختيارين للطرق التي من المفترض أن نسلكها، أما بين ما نبغضه ونعلم ونرى الاشواك تبرز من سيقانه كالتي في الورود، أو بين ما نجهله ونجهل وحشته، والمؤسف أننا غالباً ما نقوم بإختيار المجهول آملين أن نُنصف ولو لمرة واحدة فقط في حياتنا.

كل هذه الأفكار وأكثر كانت تدور برأسها هي فقط، ضاقت بها الحياة ولم تجد المفر.

لطالما ظن الجميع أنها فتاة محظوظة ويحسدونها على ثراء عائلتها وحياتها المرفهة لأبعد الحدود، ولا يعلمون أن السعادة لا تُبنى على أموال فقط، فهناك أشياء لا تشترى بأموال العالم كله. 

أشياء ليست نابعة من ماكينات صرافة وخلافه، بل تنبع من قلوب رحيمة لينة لا يمتلكها الكثيرون بذلك الزمان.

قادت سيارتها وعقلها مُغيب بماضي أليم، كلما حاولت الهروب منه، أتاها يضحك على سذاجتها، فالهروب منه ليس بهذه السهولة.

حبيسة بعالم آخر، عالم قرر والدها أن يحصرها بهِ، مُخيرة بين زواجها من ذراع أبيها اليمين كما يطلق عليه بشركته، إما مقاطعتها وسفرها بأي بلد أجنبي تستكمل دراستها كما فعل مع شقيقها الوحيد الذي جعله يتزوج بفتاة أجنبية لينال الجنسية مثلها، وتبًا لسعادته وريعان شبابه الضائع هناك.

يريد أن يكرر نفس الخطأ معها هي ايضًا، ويتحكم بعمرها مثلما يفعل بالجميع يحركهم كأليات حديدية لا روح بها ولا حياة.

رن جرس هاتفها ليقطع شرودها، لترى اسم المتصل “رنا” يضئ شاشة الهاتف، فقامت بالرد عليها بعدما فتحت مكبر الصوت مركزة بطريقها:-

_أي يا رنا؟

لتهتف رنا بقلق:-

_غالية أنتي فين؟ مامتك لسه مكلماني وقالتلي أن حصل مشكلة تاني بينك وبين باباكي وسبتي البيت ومشيتي.

تنهدت بتعب مجيبة:-

_انا جيالك كده كده مش لاقية مكان اروحه واعصابي تعبانة.

حاولت رنا أن تهون عليها بطريقتها الخاصة، فهي صديقتها المقربة برغم إختلاف الطبقات الإجتماعية بينهم، إلا أن غالية لم تجد ونيسة أفضل منها تفهمها وتلملم شتات أحزانها.

قد تعرفت غالية على رنا بأحد الأيام صدفة عندما جاءت رنا تتوسل أبيها أن يسامح أخيها على غيابه من العمل لظروف صحية قد أصابته، وبذلك اليوم رأتها غالية وتعرفت عليها ووعدتها أنها تقنع أبيها بعودة أخيها للعمل.

فشقيق رنا *رامي* يعمل السائق الخاص بوالد غالية منذ سنوات ويعتبر من أفراد القصر المعتادين بالمكان.

_كل حاجة هتكون كويسة ها.. خلي بالك من طريقك ومتزعليش نفسك وتفكيري كتير بإذن الله ربك هيدبرها.. ولو تقدري تجيبلنا سندوتشين طعمية وانتي طالعة يبقى كتر خيرك عشان مفيش فطار.

كانت تحاول رنا المزاح معها بشكل مختلف لتنسيها أمر والدها وتشتت أفكارها السوداوية وما هدأ لها بال إلا عندما سمعت تنهيدة ابتسامة خفيفة منها.

أغلقت غالية معها الهاتف متجهة لمنزل رنا وهي تنوي  أن تقف ولأول مرة أمام والدها وتعصي أوامره الغير مرغوب فيها. 

شرودها الزائد جعلها تتفاجئ بمرور شاب وامرأة خارجين من الشارع التي كانت على حافة دخوله. توقفت فجأة قبل أن تصطدم بهم لكن وقع الشاب من رجفته وسقط من فوق رأسه قفص الخبز الذي تناثر هنا وهناك.

نزلت بسرعة من سيارتها وهي تعتذر لهم عما فعلته لكن صاحت بها السيدة:

_حرام عليكي أنتي عشان معاكي عربية وبنت ناس تبهدلي الناس معاكي كده يا شيخة.

ثم بدأت بتجميع الخبز وتنظيف ملابس زوجها الذي يبدو بعمره الاربعون قائلة:

_قوم يا حسونة..قوم يا فرعوني حقك عليا أنا. محسود يا حبيبي من جمالك ولازم تتبخر من العيون اللي عليك.

وقفت غالية مندهشة من سلوك تلك السيدة التي لا يتعدى عمرها الاثنين وثلاثون وهي تتحدث عن جمال زوجها الذي إن عُرض بسوق الرجال سيكتفي البائعين بتعليقه بالمخازن كقطعة من الثياب غير المرغوب فيها.

حاولت أن تعتذر لها غالية قائلة:

_حقك عليا أنا بجد مقصدش وكنت سرحانة غصب عني، ولو محتاجة اي شيء أنا تحت امرك أنتي وأستاذ حسونة.

فنهرتها السيدة بعصبية وهي تهتف:

_اسمه محمد يا حبيبتي أنا بس اللي أقوله حسونة.

فكررت غالية اعتذارها وهي تحاول أن تتماسك بدلاً أن تقوم بعجنها هي وحسونها بصحن واحد. 

فوجدت حسونة يميل على زوجته وهو يمليها شيء خاص لا تسمعه، اعتقدت غالية حينها أنه سيستغل الفرصة ويطلب أموال منها وكانت بانتظار ذلك الحدث منه لتكسر عظامه اولًا ثم تدفع له حق ما كُسر.

لكن خاب ظنها عندما وجدت الفتاة تتراجع عن مهاجمتها وتتكلم بحرج وهي تنظر لسيارتها قائلة:

_لو محتاجة تساعدينا في شيء يعني.. فبصراحة أنتي جيتي في وقتك وهو طلب بسيط متخافيش مش فلوس خالص والله.

أحنا ناس اشراف على فكرة ولينا سمعتنا في الحارة.

وحبك عليا لو انفعلت غصب عني لأني مبتحملش حاجة تأذي حسونة جوزي.

فأومأت لها غالية بأن تقول طلبها بدون حرج وإن كان بإمكانها ستفعل، لتقول الفتاة:

_بصي هو فرح أخويا أحمد الجيزاوي النهاردة.. وبصراحة كنا طمعانين فيكي يعني لو تاخدي العروسة من الكوافير وتشرفينا قدام أهل العروسة عشان هو كان ناوي يجيبها في توك توك.

لم تتماسك غالية نفسها من الضحك وهى تردد:

_توكتوك؟… عموماً أنا حبيتك عشان دمك زي السكر وانا مش بضحك سخرية خالص والله ويشرفني إني أزف اخوكي الجيزاوي ياستي..قوليلي بقا أنتي اسمك أي ؟

_اسمي ياسمين سلطان الجيزاوي.. من عيلة مشهورة خدي بالك في المنطقة هنا.

اتفقت غالية مع ياسمين أنها ستنتظر العروسة أن تنتهي من تجهيزها بعدما عرفتها بمنزل صديقتها رنا التي ستنتظرهم بمنزلها ومن الصدفة أن ياسمين تعرف رنا وجيران بالمنطقة.

أوقفت سيارتها بمكان آمن ثم ترجلت منها تبحث عن أقرب مكان تشتري منه فطور كما بلغتها رنا، حتى وجدت عربة مأكولات شعبية تملئ الشارع برائحة طعامه. 

كانت تقف بداخل تلك العربة فتاة مظهرها يبدو رجولي أكثر من غالية نفسها، فغالية أيضاً تتعمد ارتداء ملابس واسعة وكاب على رأسها لتبدو فتاة معدومة الأنوثة قاصدة ألا يطمع بها أي شخص باعتبارها فتاة من طبقة عالية يمكن استغلالها بشتى الطرق.

اعجبت غالية بها وانتظرت أن تصل للمقدمة بسبب ازدحام العربة بالأطفال والسيدات الذين يستعجلون الفتاة في طلباتهم.

وعندما اقتربت وجدت الفتاة تسألها:

_طلباتك يا حلوة اؤمريني.. لحظة كده النضافة والريحة الحلوة دي من برا المنطقة مش كده؟

ابتسمت لها غالية وهي تشعر بأن المناطق الشعبية لم تفشل مرة بالتخفيف عنها، فكل مرة تغضب وتفكر بالهرب من قصر والدها لم تجد مكان أنسب لها من السيدة زينب وشوارعها البسيطة عند صديقتها.

أجابتها غالية بإمتنان:

_دي حقيقة.. أنا مش من هنا ودي أول مرة هجرب الأكل بتاعك فأختاريلي أحسن حاجة بتعمليها بقا واديني منها لأن ريحة أكلك وقعتني من الجوع بجد.

تحمست صاحبة العربة وهي تعرض عليها الأصناف وتعرفها بهم قائلة:

_بما انك اختارتي زوقي فلازم تجربي سندوتشات الكبدة بالطحينة والكفتة المقلية والحواوشي اللي بالجبنة ده ومتقلقيش مش حواوشي كلاب زي مابتسمعوا عننا.

صاحت سيدة شعبية من خلفهم قائلة:

_ماتخلصينا بقا ياست ياقوت العيال جاعت وانتي واقفة بتعرضي ع الحلوة شريط حياتك.

ثم وجهت حديثها لغالية:

_وماتقلقيش أنتي كمان يا سنيورة.. اي حاجة هتاكليها من أيد ياقوت مش هتنسيها.. دي بنت المنطقة اللي عيالنا أتربوا على اكلها وخربوا بيوتنا بسببها.

ضحكت ياقوت وهي تسرع بحركة يدها في تجهيز الطلبات صائحة:

_الله يكرمك يام حسين تسلمي.. همشي الحلوة الأول عشان ضيفة في منطقتنا ولازم نكرمها ولا عايزة ولاد الذوات يقولوا أهل السيدة زينب مش اهل كرم ولا اي ؟

استمتعت غالية وسط أجواء الحارة الدافئة وأخذت الاكل بعدما حاولت بكل الطرق أن تدفع ثمنه لتلك الفتاة جميلة الملامح والخُلق لكنها رفضت أن تقبل أي أموال منها قائلة لها:

_المرادي اعتبريهم هدية مني عشان أول مرة تجيلي.. والمرة الجاية هقبل الحساب متقلقيش.

صعدت غالية درج منزل رنا الذي لم يبعد كثيرًا عن عربة الأكل سوى بشارعين فقط. 

إستقبلتها رنا بقلق كبير ولم تتوقع أن غالية ستدلف لمنزلها بتلك الإبتسامة العريضة وكأن لم يحدث مشكلة جحيمية بينها وبين والدها منذ قليل.

جلسوا يتناولون الفطور بمنزل رنا البسيط جالسين أرضًا تسرد لها غالية ما حدث معها منذ دخولها الحارة ووعدها التي قطعته مع عائلة الجيزاوي وهو أن تحضر معهم فرحهم الليلة لتتفاجئ برنا قائلة بصياح:

_نعم يختي.. فرح مين اللي تحضريه؟؟ فرح الجيزاوي؟؟ أنتي عارفة معني اللي بتقوليه ده أي؟؟

فتساءلت بتعجب:

_يعني إيه ؟ ماله يعني.. بعدين أنا نفسي من زمان احضر فرح شعبي أي المشكلة؟ واخته ياسمين قالتلي أنهم عيلة مشهورة هنا في المنطقة.

فأجابتها رنا ساخرة:

_عيلة مشهورة فعلاً.. أصل محسوبك الجيزاوي ده لسه خارج من اللومان من أسبوعين بس.. وبينيملنا المنطقة من المغرب.

_يعني اي لومان؟ دي شركة؟!

_غالية أبوس ايدك متجلطنيش.. لومان يعني السجن.

يعني رد سجون ومجرم وفي اسباب كتير أوي انتي متعرفيهاش تخلينا مينفعش نحضر الفرح ده.

لم ترى غالية أزمة أو سبب صريح بأن تخلف وعدها مع ياسمين ولا تجبر بخاطرهم حتى وإن كان أخيها رد سجون كما قالت رنا فهي ليس لها شأن ولم تحاسبه على جرائمه. 

أصرت أن تذهب للفرح وبلغتها إن لم تأتي معها فستحضر بمفردها.

لكن رنا تعتبر مسؤولة عن غالية بمنطقتها فوافقت مرغمة أن تحضر معها وهي كلها حزن لأجل الأسباب التي تعرفها هي فقط وغير قادرة على الإفصاح بها.

         **********************

_حرام عليك بنتك تجوزها بالشكل ده يا بحيري.. متكسرهاش زي ما كسرت أخوها وكسرت فرحتي بيه وبأحفادي.

خليها تختار نصيبها بنفسها وتعيش حياتها.

كانت تحاول والدة غالية مدام ثُريا أن تتوسل زوجها بأن يتراجع عن قراره ويترك ابنتهم تختار حياتها بنفسها، لكن صدمها برده القاسي الذي أنهى به آخر أمل لديها قائلاً:

_بدون نقاش.. بلغي بنتك بأن كتب كتابها الاسبوع ده وأنا خلصت إتفاق مع منذر خلاص. مش عايز اسمع أي كلام تاني في الموضوع ده انتي فاهمة؟؟

وياريت لو تعقلي بنتك بدل ماهي طالعة دماغها ناشفة زيك زمان قبل ما اكسرهالك.

خاب ظنها للمرة التي لا تعرف عددها، فهي أكثر واحدة تعلم بجحود زوجها وأنه لن يقبل بأن يقف أمام مصلحته اي شخص مهما بلغ مكانته.

قررت أن تتصل على إبنتها وتخبرها بما حدث وتحذرها ألا تعود وإلا سيزوجها والدها رغماً عن أنفها من أكثر شخص تبغضه بالحياة وهو مُنذر مدير أعمال البحيري وأقرب شخص له، اقرب من إبنه الوحيد حتى.

_الوو.. غالية أي صوت الدوشة اللي حواليكي ده؟

_معلش يا ماما أنا في زفة جارة رنا هنا في المنطقة.. هخلص وارجع على طول متخافيش.

_لا.. مترجعيش يا غالية.. مترجعيش سمعاني؟؟ 

ابوكي حالف ليكتب كتابك على منذر الاسبوع ده.. روحي عند خالك لطيف في طنطا اقعدي عنده لحد ما نفكر في حل.

كان الخبر ثقيل على قلب غالية.. فمازال والدها يصمم على تزويجها من ذلك الشخص السئ ذو الثياب الرسمية طوال الوقت والنظرات الخبيثة.

ولم يراعي بأنه أكبر منها بعشر سنوات ويبلغ من العمر خمسة وثلاثون عام بينما غالية على مشارف إتمام عمرها الخامس وعشرون.

أغلقت مع والدتها الهاتف وهي تحاول أن تعود لمشاركة الأجواء من حولها وهي تسوق سيارتها وأهالي المنطقة يتراقصون أمامها ومن خلفها وبجانبها تجلس رنا وهي تتأفف منزعجة من الأصوات.

أما بالخلف فتجلس عروسة ترتدي فستان زفاف شعبي ومُلطخ وجهها بالمساحيق والألوان الغير متناسقة وعيونها مليئة بالخوف والدموع التي جعلت عيونها تلمع مع بشرتها. 

وبجانبها يجلس عريسها *الجيزاوي* الذي قالت عنه رنا رد سجون وشخص سئ السمعة بينما لم يظهر على ملامحه كل هذا بتاتًا.

فمن يراه يظن أنه شاب جامعي محترم ذو لحية وشعر اسود لامع مُرتب وجسد عريض يبدو في إرتداء القميص الابيض كمدير الأعمال مثل الملعون منذر الذي يطاردها.

شردت غالية بملامح العروسة المرتعبة وهي تتخيل نفسها مكانها بيوم قريب مع منذر بنفس الموقف لكنها تتعهد إن انتصر عليها أبيها ستقتل له منذر بأول ليلة زواج وتتخلص منه للأبد قبل أن يمسها وينتصر عليها هو أيضاً.

لم تعرف غالية سبب خوف تلك العروسة الكبير برغم أن هيئة زوجها أو الذي سيكون زوجها بعد قليل لم يبدو مخيف بذلك القدر، بل أجمل بكثير من حسونة زوج ياسمين. 

توقفت السيارة أمام فِراشة كبيرة منصوبة وبداخلها الكثير من الأضواء والصخب حيث ترجلت العروسة والعريس من سيارتها ووقفوا يستقبلون تهنئة وفرحة المنطقة الشعبية بهم.

كانت غالية ورنا على وشك الذهاب لكن أوقفتهم ياسمين وهي تقول بملامة :

_بقا ينفع تعملي معانا الواجب ده وتشرفينا كده ومتحضريش كتب الكتاب والمأذون؟

ثم نقلت بصرها لرنا الجالسة بجانبها مستكملة:

_وانتي ياست رنا.. هي شهيرة العروسة دي مش تبقى صحبتك وبنت منطقتك؟ ينفع تسبيها ومتحضريش كتب كتابها؟

تفاجئت غالية أن العروسة صديقة رنا بالأساس لأنها لم تتحدث عنها وكأنها لا تعرفها، حتى جلوسها بالسيارة كان كئيب وصامت ليست فرحة صديقة لصديقتها بتاتًا.

لم تريد غالية أن تحرج ياسمين وشجعت رنا بعدما علمت بصداقتها مع شهيرة أن تحضر كتب كتابها حتى وإن كان بينهم خلاف فقط تشاركها فرحتها ثم يرحلون.

وجلسوا جميعاً على كراسي خشبية مصفوفة حول طاولة كبيرة يجلس ببدايتها الجيزاوي ورجل كبير بالعمر بجانبه شهيرة وبينهم المأذون والجميع يسمع خطاب المأذون المعهود بتلك المناسبات.

حيث وضع الرجل يده بيد الجيزاوي وما إن بدأ الرجل بترديد كلام المأذون ظهر فجأة من خلفهم سيدة تبدو قوية وصارمة تصيح بعنف:

_الجوازة دي مش هتتم.. ومفيش كتب كتاب على واحد رد سجون زيك.

كانت توجه حديثها للجيزاوي الذي ينظر لها بدهشة وينظر لوالد شهيرة أن يتحدث فلا يمكن أن يرد الإساءة بالإساءة لتلك السيدة بالتحديد لأنها تعتبر بمقام والدة شهيرة وزوجة ابيها التي ربتها من الصغر.

فهتف الرجل بتوتر:

_عيب كده يا جمالات ميصحش.. كمل يا شيخنا كمل.

فاقتربت جمالات وأمسكت بملابس المأذون وهي تحركه يميناً ويساراً بعدما أوقعت كرسيه هاتفة بصوت عالي:

_طب لو جدع كمل كتب الكتاب ده وشوف أنا هعمل فيك أي ؟ بعدين هو مش الواجب يا شيخنا انك تاخد رأي العروسة ولا أنت واخد ع الرشوة من رد السجون؟

لم تتمالك ياسمين أعصابها وصاحت بها:

_رد السجون ده برقبة عيلتك كلها ياجمالات.. وإن كنتي ناسية اصلك افكرك.

بعدين انتي حيالة مرات ابوها.. أي ؟ صعبان عليكي البت تتجوز وتترحم منك ومن جبروتك عليها؟

فتفاجئت بشهيرة تقوم وتختبئ بحضن جمالات وهي تتكلم لأول مرة بجرأة وتقول:

_ايوا مش عايزة اخوكي رد السجون.. وبكرهووو وابويا اللي غصب عليا اوافق عشان بيخاف منكوا.

وأستمرت المعركة وسط سيل من الكلمات الجارحة للعريس وأهله ومعايرتهم بسجنه.

توقعت غالية أنه سيقوم ويُقتّل بهم جميعاً وسينقلب الفرح لمشرحة الآن لكن رأت العكس تمامًا.

حيث يجلس واضعاً رأسه بالأسفل يمركز عيناه الغاضبتان بالأرض، لون وجهه يقترب على الإحمرار من شدة النيران بداخله، يحاول أن يتماسك ويتغاضى عن حقه، ف بالأساس زيجته من شهيرة لم تكن ضرورية بذلك الشكل، لكن عائلته مَن أرادوا يفرحون بهِ بعد خروجه من السجن وهو فقط يفعل ذلك لأجلهم..

_انتي مطوليش تتجوزي واحد زي أخويا يا حبيبتي.. والحتة كلها عارفة مين هو الجيزاوي واي واحدة تتمنى تراب رجليه.

كانت تتحدث ياسمين وهي في ذروة غضبها تدافع عن أخيها المصدومة من صمته وعدم دفاعه حتى عن نفسه، وكأن كل ما يحدث من حوله ليس موجه له وأن يوم زفافه لم ينقلب على رأس جميع الحاضرين.

_ليه انتي فكراه يوسف الشريف؟؟ هاتيلي واحدة كده توافق تتجوز واحد رد سجون زيه وسمعته زي الزفت في الحتة كلها وتقبل عيالها يطلعوا متسولين وملهمش مستقبل بسببه.

كانت كلمات شهيرة قاسية بشكل مبالغ وحرجة مما جعلت أخته ياسمين غير قادرة عن الرد عليها وتنهمر الدموع من عينها وهي تنظر لأخيها بقلة حيلة وحزن على تلك الفضيحة أمام الجميع.

حتى غالية التي كانت تتعاطف مع شهيرة وترأف بحالها تعاطفت هذه المرة مع الجيزاوي وياسمين وقامت من مكانها مندفعة وهي تهتف بتحدي وغضب:

_انا أقبل….

الفصل الثاني من هنا



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق